أنتِ ست بمليون راجل

بقلم: ياسمين الصفتي

يوماً بعد يوم ترتفع نسب الطلاق فى المجتمع المصرى، بما يدق ناقوس الخطر إزاء الخلل الواضح فى العلاقات الزوجية والمشاكل الاجتماعية والأسرية المنتشرة هذه الأيام، الناتجة عن بعض العادات والتقاليد الموروثة التى تقهر حقوق المرأة الزوجية، فهذه العادات تراكمت عبر الزمن فى أذهان الشعب المصرى، فهى عادات عرفية ومعتقدات لا نعلم مدى صحتها أو نفعها أو بماذا تعود علينا، فالكثير منا كـ«ستات» يطبق تلك الموروثات دون فهمها أو مناقشتها ولكن يتعامل معها على أنها عاداتنا التى لا يجب التخلى عنها، ومن أشهر العادات والأقاويل التى أضاعت حقوق المرأة الزوجية «استحملى عشان عيالك»، «كلنا بنعمل كده» «هو حد لاقى جواز فى الزمن ده»، «دا جوزك مش مخليكى عايزة حاجة» «دا أنتى فى نعمة» وغيرها وغيرها من الأقاويل التى يمطر بها الأهل أو الأصحاب والأقارب آذان المرأة.

فالزمن تغيَّـر، والمجتمع أصبح يراعى حقوق المرأة فـ«ليه يا ماما أو يا صديقتى تريدين أن تكون حياتى نسخة من حياتك التعيسة».

فلابد من التمسك بحياتك ورأيك وكرامتك فى الحياة الزوجية، فأنتِ أقوى من الرجل بكثير. أنتِ تقومين بمهام وواجبات لا يستوعبها أو يقدر عليها الرجل، فلا تتنازلى عن كرامتك، لأن كرامتك من كرامة كل النساء المتزوجات، فأنتِ أصبحتِ أماً عاملة ومربية فاضلة، وتقومين بكل مهامك المنزلية والزوجية ولا تقصرين فى شىء. فلمَ تضيعين حقوقك وكرامتك وترضين بالإهانة من أجل تربية الأبناء والحفاظ على كيان منزل مع زوج مريض نفسياً يمتص سعادتك من أجل أهوائه الشخصية ومن أجل إثبات معتقد الرجولة من وجهة نظره، ويعاملك بكل أساليب الإهانة والتحرش النفسى ولا يراعى نفسية الأطفال؟

وبهذا التنازل من المرأة فهى تساعد على وجود جيل جديد من أصحاب الأمراض النفسية وأشباه الرجال ترسَّخ لديهم مفهوم التعامل مع المرأة بمبدأ السُّـخرة، فهناك بعض التضحيات التى تقوم بها المرأة ولا يجب التنازل عنها، فلا تضحى بسعادتك لإسعاد الزوج فقط.

فما الفائدة أن يكون زوجك سعيداً على حساب سعادتك؟! هذا يتنافى كلياً مع منطق الزواج وأصوله وأركانه. أما إذا كانت التضحيات متبادلة، وبشكل سليم بين الزوجين من أجل السعادة، فلا بأس فى ذلك. لا تضحى بابتسامتك لأن زوجك لا يحب أن تبتسمى.

هناك رجال لا يريدون أن تبتسم زوجاتهم كثيراً، خاصة أمام الآخرين. هذا من دون شك نابع من حسِّ الغيرة. ولكن هذا يجب ألا يمنعك من الابتسامة أو الضحك عندما يتطلب الموقف ذلك. وإذا كان زوجك جاداً بشكل يفوق المعتاد، فهذا يشير إلى وجود خلل ما فى شخصيته، ويجب أن تكونى مستعدة لمواجهة المواقف الصعبة التى قد تسببها الجدية الزائدة على الحد. فربما يكون طلاقك من مثل هذا الرجل أفضل من تضحيتك بابتسامتك الجميلة. لا تضحى بحريتك وحرمان نفسك من حرية التحرك، فقط لأن زوجك لا يريد ذلك. فالتمتع بهامش جيد من الحرية فى الحياة الزوجية يعتبر أمراً ضرورياً للمرأة؛ لأن الزواج لا يعنى الدخول فى قفص العبودية، بل التمتع بقسط وافر من الحرية بعد الزواج، أما أن تصبحى خاتماً بإصبعه من دون حد أدنى من الحرية، فإن ذلك سيجعلك بائسة وحزينة، لا تضحى بالسلام الداخلى الذى تشعرين به.. فالسلام الداخلى يجعلك مقبلة على الحياة، وتضحيتك بهذا الشعور تعنى الارتباك الدائم والعيش فى دوامة من الخوف، وينبغى عليك أن توجدى فى داخلك سلاماً لا يمكن التضحية به، فقط لأن الزوج غير قادر على إشعارك بالأمان. فالسلام الداخلى يجعلك منفتحة ومتسامحة مع الآخرين.

لا تضحى بخبراتك وتجاربك الحياتية، فلا تتوقفى عن البحث عن المزيد من الخبرة، إن كان ذلك عبر الدراسة أو القراءة أو التعامل مع الآخرين. فهناك أزواج لا يريدون أن تواصل الزوجة دراستها بعد الزواج؛ منعاً من الاختلاط بالآخرين، وهذا غير مقبول، فلابد من إثبات ذاتك وتحقيق طموحاتك.. لا تضحى بشخصيتك إذا كنت تتمتعين بشخصية مختلفة، فإنك غير مجبرة على التضحية بها من أجل الزواج. بالطبع يمكن إصلاح بعض العيوب التى يملكها جميع الناس فى الشخصية، ولكن ذلك لا يعني، بأى بشكل من الأشكال، التضحية التامة بشخصيتك وجعلها تابعة لشخصية الزوج؛ لا تضحى بصداقاتك الجميلة، هناك أزواج كثيرون يحرمون زوجاتهم من الصداقات بعد الزواج، ولا يضحون هم بالصداقات التى يملكونها. بالطبع يمكن أن يختلف مفهوم الصداقة بعد الزواج، ولكن المرأة ليست مجبرة على التضحية بجميع صداقاتها. وهذا من حقها.. لا تضحى بمشاعرك فإذا كنتِ إنسانة عاطفية وتتمتعين بمشاعر جميلة، ينبغى ألا تضحى بها؛ لأنك من دون مشاعر لا تساوين الكثير، وكذلك فإن الشيء الذى يميزك كأنثى، هو تلك العواطف والمشاعر.. لا تضحى بأحلامك فى الحياة، فإذا كنتِ تحلمين بأن تكونى امرأة ناجحة فى عملك، فلا تضحى بذلك فقط لإرضاء الآخر.. لا تضحى بمبادئك وقيمك، يجب أن تعلمى أن المبادئ والقيم الجميلة هى التى تكـوُّن الشخصية، وتجلب احترام الآخرين لكِ، وهى أساس حياتك.

وأخيراً كونى أنتِ وليس صورة مصغرة من مجتمع يقتحم حياتك ويضعك فى قالب «مكسورة الجناح.

لا لإهانة المرأة.. لا لقمع حرية المرأة.. لا لقهر حياة المرأة.

 

شارك المقال وأخبر به أصدقائك الآن

الوسوم

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.

اقرأ أيضاً

القائمة