نتحدث اليوم عن حق المريض فى حال تعرض لإهمال طبى على يد الطبيب المعالج، وكيف يمكنه المطالبة بحقه أو بتعويض عما لحق به من أضرار.
فى البداية يجب التفرقة بين نوعين من الجرائم، إما جنائية أو مدنية.
ففى القانون الجنائى، يحاسب الشخص على ارتكابه جريمة ضد المجتمع مثل القتل أو السرقة ويكون العقاب بالسجن أو الغرامة المالية أوكليهما معًا، أما فى القانون المدنى فلا توجد جريمة ضد المجتمع ولكنها تقع بين شخصين أحدهما يسمى المدعِـى، والآخر هو المدعَـى عليه، وتكون العقوبة فى القضايا المدنية كلها مادية على شكل تعويضات مادية.
فى معظم دول العالم تدخل قضايا المسئولية الطبية ضمن نطاق القانون المدنى، ولكن فى القليل من دول العالم، ومن بينها مصر، يعاقب الطبيب وفق القانون الجنائى وبالتالى تكون عقوبة الطبيب السجن أو الغرامة المالية أو كليهما معًا.
وهناك حق للمتضرر طبيًّا فى رفع دعوى ضد المتسبب فى إحداث ضرره سواء مدنيًّا أو جنائيًّا، وحق رفع الدعوى يقتصر على الشخص المتضرر أو ورثته.
الدعوى الجنائية
الدعوى الجنائية تتحرك أمام القضاء الجنائى بناء على طلب جهات متعددة أهمها النيابة العامة بوصفها سلطة الاتهام، وكذلك بناء على الادعاء مدنيًّا من المضرور أمام المحكمة الجنائية فى نطاق معين وبشروط متعددة. ورفع الدعوى أمام المحكمة الجنائية يتيح للمضرور رفع دعواه من جديد أمام المحكمة المدنية إذا ترك الطريق الجنائى.
مسئولية الطبيب الجنائية عن أضرار المريض
تنص المادة «238» من قانون العقوبات المصرى على: «مَن تسبب خطأ فى موت شخص آخر بأن كان ذلك ناشئًا عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تجاوز مائتى جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.. وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنين وغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجانى إخلالاً جسيمًا بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو كان متعاطيًا مسكرًا أو مخدرًا عند ارتكابه الخطأ الذى نجم عنه الحادث.. وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سبع سنين إذا نشأ عن الفعل وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص، فإذا توافر ظرف آخر من الظروف الواردة فى الفقرة السابقة كانت العقوبة بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على عشر سنين».
وإذا انقضت الدعوى الجنائية لأى سبب كالتقادم، مثل انقضاء المدة (أى مرور عشر سنوات) أو وفاة المتهم، فلا يكون للمضرور من سبيل سوى اللجوء للقضاء المدنى.
الدعوى المدنية
اختيار المضرور لرفع دعواه أمام المحكمة المدنية لا يتيح له أن يترك دعواه المدنية، ويقيم الدعوى الجنائية بنفسه أمام المحكمة الجنائية؛ لأنه لجأ لرفع دعوى التعويض أمام المحكمة المدنية مما يعنى تنازله عن المحكمة الجنائية. لكن يحق له فقط ترك الدعوى المدنية واللجوء للدعوى الجنائية إذا رفعت النيابة العامة الدعوى الجنائية فيما بعد وذلك طبقًا للمادة «264» من قانون الإجراءات التى تنص على أنه «إذا رفع مَن ناله ضرر من الجريمة دعواه بطلب التعويض إلى المحكمة المدنية ثم رفعت الدعوى الجنائية جاز له إذًا ترك دعواه أمام المحكمة المدنية أن يرفعها إلى المحكمة الجنائية مع الدعوى الجنائية».
فى تلك الحالة له الحق فى المطالبة بالتعويض المدنى فى المحكمة المنظورة أمامها الدعوى الجنائية وذلك طبقًا للمادة «265» من قانون الإجراءات الجنائية التى تنص على أنه «لمَن لحقه ضرر من الجريمة أن يقيم نفسه مدعيًا بحقوق مدنية أمام المحكمة المنظورة أمامها الدعوى الجنائية». أى أن الدعوى المدنية لا تقبل أمام القضاء الجنائى دون الدعوى الجنائية.
أما بخصوص سقوط الدعوى المدنية بالتقادم فإن المادة 172 من القانون المدنى تنص على أنه «تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذى علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه، وتسقط هذه الدعوى فى كل حال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع».
ويحق للمتضرر رفع دعواه والمطالبة بتعويض عن ثلاثة أنواع من الأضرار..
1- الضرر الجسدى.
2- ضرر الآلام النفسية المصاحبة للإصابة.
3- الضرر المادى نتيجة الخسارة أو فوات كسب.
التعويض المادى
الهدف من التعويض المادى هو تعويض المريض عن فقده العائد المادى الذى قد يكون فقده بسبب الإعاقة التى ألمت به نتيجة خطأ الطبيب، وفى حالة وفاة المريض فإن أهله يستحقون هذا التعويض لتعويضهم عن فقدانهم للعائل.
عادة يُحسب القسم الأكبر من المال فى حساب ما خسره المريض بعد الحادث، فإذا أُصيب عازف بيانو محترف بعجز فى يده بسبب خطأ جراحى بحيث لا يستطيع متابعة عمله، يحسب له خسارة رواتبه حتى سن التقاعد مع تعديل الراتب حسب التضخم المحتمل، وهكذا يتلقى مزارع عمره 60 عامًا تعويضًا أقل مما يتلقاه عازف بيانو فى فرقة موسيقية مشهورة عمره 25 سنة بسبب الفارق فى الكسب المادى المستقبلى المتوقع.
ويمكن أن يحسب التعويض على أساس الحاجة إلى التمريض والعناية الخاصة فـى المستقبل، فالمصاب بأذية دماغية يمكن أن يحتاج 24 ساعة عناية فى اليوم بقية حياته.
التعليقات