«التنمر» الفيروس المجتمعى الذي احتضنته السوشيال ميديا.. وريهام حسن تؤكد أن الطفل المتنمر ضحية يعاني ألمًا داخليًّا  

 «التنمر».. تلك العادة العدائية وغير المرغوبة التى تظهر بين الأطفال فى عمر المدرسة، حيث يقوم الطفل المتنمر بتصرفات عدائية، كنشر الإشاعات، أو التهديد، أو مهاجمة الشخص المتنمَـر عليه جسديًّا أو لفظيًّا، أو عزل شخصٍ ما بقصد الإيذاء، ويتوقع أن يتكرر هذا التصرف مع الزمن، كما يتوقع كذلك أن يمر كلا الطفلين، المتنمِر، والمتنمَر عليه، بمشاكل نفسية طويلة الأمد مع الوقت.

ومع انتشار وتفشى تلك الظاهرة، حرصت مجلة “عود” على أن توضح أشكال وأسباب هذه الظاهرة، بالإضافة إلى كيفيت معلجتها، فكان لنا هذا التحقيق الذي بدأناه بالحديث مع الاستاذة ريهام حسن أخصائى نفسى أكلينيكى، التى حدثتنا باستفاضة عن تلك الظاهرة من مختلف جوانبها:

فى البداية تقول الأستاذة ريهام حسن: «الطفل المتنمر ليس إنسانًا سيئًا، بل هو إنسان لديه ألم داخلى شديد نتيجه نقص عاطفى ومع الوقت يميل إلى التنمر، ولكن يمكن القضاء على تلك المشاعر خلال وقت قصير فى حال كان هناك تعاون بين الأهل والمدرسة».

وأضافت أخصائىة النفسىة الإكلينيكية، أن  الطفل المتنمر هو فى الواقع ضحية، فقد يكون هذا الإحساس متولدًا لديه نتيجة إهمال الأهل له، أو الخوف منهم لدرجة فقدانه ثقته بنفسه، وقد يكون نتيجة عكسية للإفراط فى التدليل، فيصير مالكًا لكل ما يشتهيه ولا يشعر بمعاناة الآخرين، فيتخذ منهم مادة للسخرية والتنمر.

 

 أشكال التنمر

تتعدد وتتنوع أشكال التنمر، فهناك «التنمر اللفظى» المتمثل فى السخرية والتعليقات غير اللائقة، و«التنمر العاطفى» المتمثل فى الإحراج الدائم للشخص، و«التنمر الجسدى» المتمثل فى الضرب والعنف، كما أن هناك «التنمر المباشر» وهى الأفعال المؤذية المباشرة، و«التنمر غير المباشر» مثل نشر الإشاعات والنقد من حيث الملبس واللون، وهناك التنمر فى المدرسة.

أسباب التنمر

هناك عدد من الأسباب التى تدفع الطفل إلى هذا السلوك العدائي، منها..

أسباب أسرية

قد يتولد التنمر لدى الطفل نتيجة سلوكيات خاطئة داخل الأسرة، مثل تعرضه للتنمر من أحد أفراد الأسرة كالأب والأم والأخ الأكبر، وبالتالى تتكون لديه انفعالات مصورة بشكل خاطئ، ومن الممكن أن يكون طالبًا ولديه إحباط، من ضغط الأسرة عليه للتفوق الدراسى أو الرياضى، بشكل يفوق إمكانياته وقدراته، بما قد يؤدى إيضًا إلى الاكتئاب.

أيضًا غياب الأب، مشاكل الطلاق بين الزوجين وأثرها على الأبناء، العنف الأسرى، ظروف الحرمان.

أسباب مدرسية

وقد يتولد التنمر نتيجة الممارسات الاستفزازية الخاطئة من بعض المعلمين لضعف التحصيل الدراسى للطالب، والتمييز بين الطلبة، وضعف العلاقة بين المدرسة والأهل.

 أسباب دينية

جميع الديانات السماوية تدعو إلى العفو والصفح والتسامح، فغياب الوازع الدينى يمثل بيئة خصبة لنمو تلك الظاهرة السلبية فى المجتمع.

الإعلام

وجود بعض أفلام الرسوم المتحركة الخاصة بالأطفال التى تحتوى على مشاهد عنف وعدوان لها تأثيرها على الأطفال واتخاذهم هذه النماذج قدوة لهم، خاصة مع فقدانهم القدوة الصالحة فى بيئتهم، فلا يمكن أن ينشأ الفرد فى بيئة مفعمة بالحب والاحتواء ويتخذ العنف وسيلة للتعيير عن نفسه.

علاج التنمر

ولكن يمكن القضاء على التنمر من خلال بعض السلوكيات الإيجابية التى ينبغى على الأسرة اتباعها، منها بناء علاقة صداقة مع الأبناء منذ الصغر، وذلك عن طريق فتح باب الحوار معهم بحرية لكى يشعروا بالأمان.

البعد عن عقاب الأطفال فإياك فى النبذ والرفض والإهمال والمقارنة.

تنمية قدرات الأطفال بدلًا من الضغط عليهم فى الحصول على التفضيل أو الفوز فى مسابقة أعلى من إمكانياتهم.

تعزيز ثقافة الاختلاف واحترام المختلف وتعريف الأبناء أننا مختلفون ولا يجب تصنيف الأشخاص بحسب العرق أو اللون.

البعد عن النقد الجارح الساخر المبنى على التجريح، دون المساعدة على البناء والتنمية، فهذا يمثل صورة أخرى غير مباشرة من التنمر، فينبغى أن يكون النقد بنَّاء يساعد على التقدم.

انتهى كلام الدكتورة ريهام حسن، وكان للشارع رأى فى تلك الظاهرة، حرصت «عود» على استطلاعه فالتقينا مجموعة من الشبابل كانت ردودهم كالتالى…

فى البداية قالت فرح المنشاوى: «أنا ضد التنمر رغم أنى لم أتعرض له، وأرى أن هناك بعض الكلمات التى تقال على أنها نوع من الهزار، لكنها تحتوى على جزء من الحقيقة، حتى لو لم يظهر المتلقى إحساسه بها، لكنه فى الحقيقة يشعر بألم وضيق بسببها، فلابد أن يفكر كل شخص قبل أن يتكلم بأى كلمة تجرح غيره». وأنهت حديثها بأن «الكلمة الطيبة صدقة».

وأضافت فاطيمة خليل قائلة: «أنا ضد التنمر حتى لو كان بالهزار لأنه قد يؤثر على الشخص نفسيًّا».

وعن تعرضها للتنمر، قالت: «أنا لم أتعرض له، لكنى أرى بعض حالات التنمر المنتشرة فى المدارس مثل كلمة (يا تخين) وكلمات كثيرة مثلها تقال على سبيل الهزار بين الأطفال فى المدارس، لكنها خاطئة، وينبغى أن نعلم أبناءنا أن هذا السلوك لا يصح، ولا ينبغى للطفل السخرية من أصحابه وزملائه».

وأكدت أهمية التربية المنزلية ومن بعدها يأتى دور المدرسة فى التأكيد على الالتزام بالسلوك الصحيح عن طريق التوعية واحترام وتقبل الآخر.

وتعبر سهر عاشور عن رفضها هذا السلوك قائلة: «أكيد أنا ضد التنمر حتى لو كان بالهزار، فقد يكون الهزار فى بعض الأوقات مثل الخنجر الجارح، وكثير من الناس لا يعتبرون أن هذا نوع من التنمر قد يولد الاكتئاب وأشياء أخرى أسوأ»، وأضافت: «حدث موقف أمامى، عندما قال شخص لصديقتى المريضة: إنتى إزاى بقيتى شبه العصاية كده، وهو لا يعلم أنها تعانى مرضًا فعل بها ما فعل، فزادها كلامه ألمًا على ألمها».

وأشار أحمد شاهين، بقوله: «للأسف التنمر موجود وأصبح منتشرًا، خاصة فى السنوات الأخيرة، وهو ما يترك آثاره السلبية فى نفس الشخص الذى يتعرض له».

وعن تعرضه للتنمر قال: «أنا شخصيًّا لم أتعرض له، لكنى أرى بعض الناس يسخرون من شخص ما لمجرد أن وزنه زائد، أو لديه مشكلة فى النطق أو السمع»، مؤكدًا أن التنمر ناتج عن نقص لدى صاحبه فى المقام الأول وخلل فى الأسرة».

مشيرًا إلى أن الشخص المتنمر لو بحث داخله بشفافية وموضوعية، سيجد عيوبًا كبيرة ولن يقبل من أى شخص استخدامها ضده حتى لو على سبيل الدعابة والهزار».

ويرى إيهاب مصطفى: «من المؤكد أن التنمر سلوك سيئ ومرفوض سواء كان على سبيل المزاح أو الجد.. لكنى أرى أن الشعب المصرى بطبعه ابن نكتة، ودمه خفيف حتى الأغانى لم تخلُ من التنمر مثل (يا فشِلة) (يا تخينة) وغيرها من الكلمات، لذلك فالتنمر موجود بيننا من دون قصد، فلا يوجد مصرى لم يتنمر على آخر، لذلك فعلى الـ 100 مليون مصرى أن يعتذروا لبعض بسبب تنمرهم الذى يكون دون قصد».

ويستطرد إيهاب بقوله: «لكن فى بعض الحالات يكون التنمر عن عمد فى شكل الهزار، فنجد مجموعة من الأصدقاء إذا كان أحدهم سمينًا أو دون شعر، يجعلونه مادة للسخرية بدافع الهزار، رغم أن كثيرًا من الناس يعرفون أنهم كلما يزيدون فى الهزار كان دمهم ثقيلًا، ولو كانوا مكان مَن يسخرون منه لأدركوا حجم قسوتهم على غيرهم».

وأشار إلى أن التنمر زاد فى السنوات الأخيرة خاصة مع انتشار السوشيال ميديا، فبمجرد تعليق واحد سيئ على صورة أو فيديو، تنتشر وراءه التعليقات المسيئة والتريقة بشكل سريع دون الاكتراث لمشاعر الآخرين».

ولفت إلى أن هناك خيطًا رفيعًا بين الهزار والسخرية وكثير منا لا يستطيع التفرقة بينهما.

ويؤكد خليل جمال قائلًا: «كلنا بنتريق على بعض مع أصحابنا وخصوصًا المقربين، ومع انتشار السوشيال ميديا ظهر مصطلح التنمر، لكننا جميعًا بنتريق بالهزار، المشكلة أن هناك البعض ممكن يكون هذا هو أسلوب حياتهم القائم على السخرية لمضايقة الآخرين فقط، وهذا مرفوض تمامًا، فهؤلاء فى حاجة إلى العقاب والعلاج».

عن تعرضه شخصيًا للتنمر، نفى ذلك لكنه حكى رواية لأحد زملائه فى المرحلة الابتدائية، كانت له عين زرقاء اللون والأخرى عسلية اللون، وكان التلاميذ وقتها، يطلقون عليه «اللى شبه القطة»، فكان ذلك يضايقه جدًا، ولكنه مع الأيام تفوق دراسيًّا حتى صار مهندسًا ناجحًا، كما أن لى صديقًا كفيفًا، يعمل مذيعًا فى الراديو، ورغم أنهم فى البداية كانوا متخوفين من قدرته على العمل، ولكنه أثبت نجاحه وهوالآن من أفضل المذيعين».

واختتمت التحقيق ريم يحيى بقولها: «أنا مش بعتبر التنمر بالهزار تنمر، خصوصًا لو كان بين الأصحاب والأخوات، وأنا شخصيًا بتنمر على نفسى عادى جدًا».

وأنهت كلامها قائلة: «أنا عندى شلل طبيعى، فهتشلنى، بلاش تتعامل معايا».

 

 

شارك المقال وأخبر به أصدقائك الآن

الوسوم

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.

اقرأ أيضاً

القائمة