“هدف” مطعم جديد بالعاصمة المغربية يبعث الأمل لذوي القدرات الخاصة

في مبادرة فريدة من نوعها نالت إعجاب الكثيرين، يُشغل مطعم مغربي بالعاصمة الرباط ذوي الاحتجاجات الخاصة، حيث تسعى هذه التجربة الرائدة.
 
تجربة رائدة تسعى إلى محو الصور النمطية السائدة بشأن عجز ذوي الإعاقة وصعوبة اندماجهم في المجتمع.
بهندام أنيق وابتسامة لطيفة يستقبل علي قيس زبائن مطعم “هدف” الواقع وسط حي شعبي في الرباط. مطعم يتميز بديكور بسيط لكنه مميز، يعتمد على اللون الأبيض ما يضفي على المكان هدوء يريح النفس ويبعث فيها الأمان.
 
الفريد في هذا المطعم التضامني كما يصفه القائمون عليه أن الفريق الذي يديره من المعاقين ذهنيا، حيث يوفر المطعم فرصة للشبان والفتيات العاملين فيه من أجل دمجهم في الحياة الاجتماعية وتحقيق الاستقلالية المادية.
ويهدف المطعم الذي أسسته جمعية آباء وأصدقاء الأشخاص المعاقين ذهنيا وساهمت في تمويله المبادرة الوطنية للتنمية الاجتماعية (برنامج حكومي يدعم المشروعات الاجتماعية) إلى مساعدة الأشخاص المعاقين ذهنيا على مواجهة إعاقتهم بقيامهم بأنشطة إنتاجية وإبداعية لتقوية ثقتهم في إمكانياتهم الذاتية وتنميتها. بالإرادة تُصنع النجاحات.
 
بداية المطعم كانت مقصفاً تابع للمركز المهني والاجتماعي للأشخاص المعاقين ذهنياً، حيث كان يقدم في البداية نحو 100 وجبة يومية للشباب. وقررت الإدارة آنذاك أن تفتحه للجمهور كمطعم عام، بما يسمح لطاقم العاملين فيه بالاختلاط بالناس والتعامل معهم، كما أنها أرادت تغيير الطريقة التي ينظر بها الناس للمعاقين ذهنياً.
 
في هذا الصدد قالت أمينة مسفر، رئيسة جمعية “هدف” التي تأسست في أكتوبر 1997 وهي أم لشابة معاقة ذهنيا وكفيفة في تصريح خصت به DW عربية، “فكرنا في فتح المطعم، من أجل دفع الرأي العام لتغيير نظرته وتعامله مع الأشخاص المعاقين ذهنيا بطريقة إيجابية مع تقدير مؤهلاتهم وقدراتهم على الإنتاج والعطاء”.
 
وأوضحت مسفر أن مطعم “هدف”، يشكل فرصة للزبائن من أجل “تذوق أطباق شهية من إعداد الأشخاص المعاقين الذين يسعون إلى ضمان رضى الزبون ليتناول طعامه في شغف”.
 
وبابتسامته الخجولة التي لا تغادر محياه يحكي علي قيس الذي يعمل نادلا فيه، ويقول “أنا سعيد جدا بالعمل الذي أقوم به، أرحب بزبائن المطعم، أسجل طلباتهم”. ويضيف “لقد تعلمت كيفية تقديم الصحن وترتيب الطاولة والاعتناء بالهندام، كما أنني أقول دائما شهية طيبة”.
 
بينما يُسجل علي طلبات الزبائن في المطعم الذي يعمل 3 أيام في الأسبوع (الثلاثاء، الخميس، الجمعة)، يشتغل زملاؤه وزميلاته في إعداد الأطباق. بمجرد دخول المطبخ، تفوح الروائح الزكية التي تدغدغ الأنوف وتغازل البطون. يقطع يوسف القبطي الخضر، ويعمل على تزيين قطع اللحم في الصحون التي بدت فيها القطع مرصوصة كفسيفساء في دقة متناهية التناسق.
 
وعن عمله وما يقوم به قال يوسف بنبرة متحمسة وابتسامة عريضة، “يعجبني العمل هنا، استفدت كثيرا وأحلم أن أصير طباخا ماهرا ومحترفا عالميا للطبخ”. “الأطباق شهية والمكان جميل”.
 
لوحات فنية..حلي.. طاولات بيضاء متراصة بشكل منتظم، كل شيء في المطعم من إعداد شباب المركز الاجتماعي “هدف” التابع للجمعية. في هذا الصدد تقول بشرى بن صغير مديرة المركز، “ما يميز “هدف” أنه نافذة لإبراز مواهب الشباب سواء في الطبخ أو الحلي أو الديكور وغيرها من الورشات الأخرى”، وكذلك من أجل “المساهمة في تغيير النظرة السائدة اتجاه المعاقين ذهنيا”.
 
طنجة
يضم مطعم “هدف” 11 شابا وشابة من ذوي الإعاقة يشتغلون تحت إدارة الشيف كريمة الرحماني التي أسندت لها هذه المهمة منذ افتتاحه في أبريل 2017 . وعن طريقة تجاوب هؤلاء الشباب مع العمل داخل المطبخ، أوضحت الرحماني في حديثها لـDW عربية، “ما يميز هؤلاء الشباب هو حبهم للعمل وللتعلم، وتتراوح كفاءتهم وقدراتهم من شاب إلى آخر، نعمل على إعطاء دروس نظرية وتطبيقية”. وترى الرحماني أن من بين الصعوبات التي تعترض هؤلاء الشباب، “النسيان، لذلك فلا بد من التذكير بالأساسيات في المطبخ من فترة لأخرى”.
من جانبها تعمل عائشة القاسمي، على تعليم الشباب أساسيات التواصل مع الزبائن وكيفية تقديم الطعام والاعتناء بالنظافة والهندام.
 
وأشارت القاسمي، “استطاع المطعم كسب زبائن أوفياء يأتون إلى “هدف” بحب للاستمتاع بالأطباق، والحمد لله إقبال المغاربة في تزايد ونطمح للمزيد”. وأثنى أحد الزبائن ويدعى كمال على الوجبات المقدمة، وقال “ذهلت بسحر المكان، والأكل هنا لذيذ جدا، يستحقون كل التشجيع”.

شارك المقال وأخبر به أصدقائك الآن

الوسوم

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.

اقرأ أيضاً

القائمة