تعرف على دور أبو الوليد المصري في تدريب مقاتلي حزب النهضة الإخواني عسكريا على العمليات الإرهابية

مما لا شك فيه، أن السلم والاستقرار من النعم التي ينعم الله بها على الأمم لكي تنهض وتزدهر، وهما أهم مبادئ تقدم اقتصاد أي بلد وتحقيق شعبه الرفاهية، وبالتالي فإن تحقيق السلام والاستقرار واجب وطني على كل فرد من أفراد المجتمع، لكن للأسف عاشت بعض الدول فترة ما حالة من اللامبالاة بحجة الديمقراطية والحريات لكي ينفتح الباب على مصراعيه لانتشار ونمو الجماعات المتطرفة والإرهابية ما شكل فيما بعد كابوس لا تزال بلداننا العربية والإسلامية تعاني منه حتى الآن.

ومنذ عقد السبعينيات من القرن الماضي، شهدت منطقة آسيا الوسطى، ظهور تلك الجماعات المتطرفة مثل القاعدة وطالبان، بحجة الجهاد ضد الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، ومع انتهاء مهمتها “المقدسة” بسقوط الاتحاد السوفيتي مطلع التسعينيات، كانت قد خلقت مثيلات لها مثل حزب النهضة في طاجيكستان وحركة أوزبكستان الإسلامية وجيش تركستان الإسلامي، تلك التنظيمات التي أشاعت الإرهاب في المنطقة كلها وأشعلت النار وتسببت في حروب أهلية في عدة مناطق.

المنبع الفكري لكل تلك الجماعات، كانت الأيديولوجية التكفيرية لجماعة الإخوان المسلمين، التي وضع بذرتها الإمام المؤسس حسن البنا، ثم طور نظرياتها سيد قطب، فمن تلك الجماعات من ارتدى عباءة الجماعة الإسلامية الفكرية أو السلفية الجهادية، ومنها من حرص على ارتداء عباءة الإخوان المسلمون نفسها، مثل حزب النهضة في طاجيكستان الذي استخدم الإسلام كغطاء لتحقيق أهدافه السياسية وأجج الحرب الأهلية في تلك الدولة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وأبى ألا يطفئها إلا بعدما يحصل على حصة كبيرة في الحكومة بأجهزتها ووزاراتها، حتى قضى الشعب الطاجيكي على وجودها بضربة واحدة عندما كشف مخططهم لقلب نظام الحكم والقفز على السلطة. باحثون مصريون كشفوا في دراسات رصدت العلاقة الوثيقة بين حزب النهضة الإرهابي المتطرف مع التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، عن أن مصطفى حامد الملقب بـ”أبو الوليد المصري”، هو من أوائل من وضعوا الأطر الأيديولوجية لكوادر الحزب الجهادية وعملوا على تدريبهم على القتال العسكري في أفغانستان التي قدر الله لها أن تكون الحاضنة لكل التنظيمات الإرهابية وتنفيذ عمليات إرهابية، وذلك بفضل ما اكتسبه من خبرات نتيجة احتكاكته بقيادات القاعدة وطالبان.

وقد استندت الدكتورة دلال محمود مدرس الدراسات الاستراتيجية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، في ورقة بحثية مهمة، إلى شهادة مصطفى حامد الملقب بين المنظمات الإرهابية بـ”أبو الوليد المصري” أو “مؤرخ القاعدة”، بأن حزب النهضة هو جزء من التنظيم الدولي لجماعة الإخوان الذي يتخذ من لندن مقرًا له. من هو (أبو الوليد المصري)؟ تقول الدكتورة دلال إن مصطفى حامد، المعروف بلقب “أبو الوليد المصري”، قد انضم إلى صفوف الإخوان المسلمين في سن مبكرة في مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية، ثم التقى في الثمانينيات بقادة تنظيم “القاعدة” – أيمن الظواهري وأسامة بن لادن في مدينة بيشاور الباكستانية، وانضم إلى صفوفهم، وسافر فيما بعد إلى الأراضي الأفغانية لمواصلة “الجهاد المزعوم”، وعمل عن قريب مع قادة التنظيمات الإرهابية العاملة في داخل أفغانستان. وقد تولى مصطفى حامد في التسعينات تدريب الكوادر الجهادية في حزب النهضة، تحت قيادة سعيد عبد الله نوري والحركة الإسلامية في أوزبكستان، بقيادة محمد طاهر يولدوشوف وكذلك مجموعة من مقاتلي الشيشان تحت قيادة شامل باساييف، وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001 والهجوم الذي شنته قوات التحالف الدولي في أفغانستان، هرب مصطفى حامد مع مجموعة من أعضاء حزب النهضة الإرهابي المتطرف وعدد من أعضاء القاعدة الى إيران، ومع اندلاع أحداث “الربيع العربي” في عام 2011 عاد مصطفي حامد بصحبة كل من محمد الإسلامبولي (شقيق خالد الإسلامبولي قاتل الرئيس أنور السادات) وسيف العدل (صهر أسامة بن لادن) من إيران إلى مصر، لكي يعود إلى إيران مجددًا بعد ثورة الشعب المصري على حكم الإخوان المسلمين عام 2013 وظل هناك حتى وقتنا الحالي مع أسرته على الرغم من إدراجه على قوائم الإرهابيين بالإنتربول المطلوب دوليا من القبض عليهم.

وقد أكد مصطفى حامد في مؤلفاته عن تعاون القاعدة الوثيق مع حزب النهضة الإرهابي المتطرف، وقيامه بتدريب وتجهيز جهاديي حزب النهضة في داخل معسكرات تابعة بتنظيم “القاعدة” ومنها “جهاد وال”، “الصديق”، “الفاروق”، “سلمان الفارسي” وتزويدهم بالأسلحة، مؤكدا أن حزب النهضة الإرهابي هو السبب الرئيسي لبقاء واستمرار تنظيم “القاعدة” في أفغانستان. وفي السطور التالية ، ننشر بعض مقتطفات من كتابه، حيث يقول: “في خريف 1992 وصل إلى بيشاور “حق نظر” أحد أعضاء مجلس شورى حزب النهضة الطاجيكي، وهو حزب إخواني دولي. لذا فإن وفدهم إلى باكستان كان يستهدف الجماعة الإسلامية الباكستانية. في الحقيقة أن ما كان يبحث عنه “حق نظر” وحزب النهضة كان عند المجاهدين العرب في أفغانستان، كان ما يريده “حق نظر” وحزب النهضة هو السلاح!! في لقاءه الأول معنا طلب منا حق نظر “صواريخ ستنجر”. ناقشت مطولا كل من “أبو عبيدة” و”أبو حفص” وهما من أعضاء تنظيم القاعدة في أفغانستان حول ما أسميته “مشروع طاجيكستان” وطلبت منهم عدم بيع ما تبقى لديهم من أسلحة وذخائر وتوجيهها إلى ذلك المشروع.

كانوا في القاعدة بصدد تصفية جميع معسكراتهم إلا معسكر واحد يبقى إلى أن ينتهي كل شيء، ثم يغلق هو الآخر، وهو معسكر “جهاد وال”، ثم انضم إلينا بعد قليل “أبو دجانة” من كوادر جماعة الجهاد المصرية. أصبح ذلك الشاب من نجوم التدريب في معسكرنا ثم من نجوم العمل العسكري في طاجيكستان نفسها. تولى “أبو دجانة” و”أبو تميم” التدريبات العسكرية لمجاهدي حزب النهضة. في بداية عملنا في معسكر الفاروق لتدريب الطاجيك، كان عدد كوادر القاعدة المتبقين في معسكر “جهاد وال” القريب منا، حوالى عشرة أشخاص وكان أميرهم “أبو العطاء” – أبو زيد التونسي، وكان مقتنعا بضرورة مساهمة القاعدة في تدريب الطاجيك. كان من المفروض أن أصطحب تلك القوة إلى طاجيكستان ويساعدني “عبد الهادي” حتى نضع هؤلاء الشباب في حالة التشغيل المطلوبة. عبد الهادي العراقي في الحقيقة كان هو دينامو المشروع، واكتفيت أنا بدور ترتيب الأمور مع “عبد الهادي” مباشرة بالنسبة لإدارة المعسكر، ومع “أبو العطاء” بالنسبة لبرامج التدريب، زميلنا “أبو كنعان” كان له دوره الحيوي، إذ تكفل بتوفير الدعم المالي للمشروع.

جدير بالذكر أن “مشروع طاجيكستان” (مشروع حزب النهضة الطاجيكية) كان سببا لاستمرار تنظيم القاعدة والمعسكرات التابعة لها في أفغانستان وبالتالي بعد عودة القاعدة إلى أفغانستان عام 1996 كانت هناك أرضية ساعدها في عملياتها الجهادية. ركزنا في أحاديثنا مع قيادات حزب النهضة على موضوع “القوة المركزية” وجعلنا هذا الموضوع محور مجهودنا معهم، بمعنى أن تدريب تلك القوة وتجهيزها سيكون من واجبنا. كما أن مدربينا سوف يرافقون تلك القوة إلى داخل جمهورية طاجيكستان لتوجيه عملياتهم القتالية في البداية ويبقوا معهم لحين إكسابهم الخبرة الكافية. طالبنا قيادة حزب النهضة إمدادنا بعناصر قيادية لتأهيلهم فيما بعد في دورات خاصة لقيادة القوة الجديدة، وكان الأسلحة المتبقية من تنظيم “القاعدة” كافية لبدء عملياتنا وقد وافق أسامة بن لادن مسبقا على اعطاء ذلك المخزون لنا، كما وافق فيما بعد على إرسال مدربو معسكر “جهاد وال” لتدريب الشباب مقاتلي حزب النهضة. وقد أرسل حزب النهضة 200 شخص من مقاتليهم إلى المعسكر للتدريب، وقمنا في البداية بتدريب ثمانين متدربا واصطحبنا تلك المجموعة الى محافظة توخار الأفغانية استعدادا لعبور حدود منطقة بدخشان الأفغانية الى منطقة بدخشان الطاجيكية عبر نهر جيحون. وكان يُعرف متدربي حزب النهضة بـ”أولاد خوست” كما اشتهر “معسكر الفاروق” بـ”معسكر طاجيكستان”.

وكان أملنا الوحيد في “مشروع طاجيكستان” ينعقد فقط على متدربي معسكر “الفاروق” وكنا نرى أن هذا الجيل الجديد فقط كان لديه الفرصة لبناء مجتمع إسلامي في طاجيكستان. بعد موافقة أسامة بن لادن على توفير الأسلحة والذخيرة للمجاهدين الطاجيك جمعنا الأسلحة من جميع أنحاء باقي المعسكرات الى داخل معسكر “جهاد وال” وكان كمية الأسلحة والذخائر التي تم جمعها هائلاً. في شتاء عام 1992 كنا نناقش في معسكر “جهاد وال” “مشروع طاجيكستان” حتى زارنا نائب رئيس حزب النهضة “محمد شريف” وبعد معاينة كميات الأسلحة والذخائر قال مندهشا: “هذه الذخائر تكفينا لفتح طاجيكستان”.

استمرت الدورات التدريبية في معسكر “الفاروق” وكان ممثل حزب النهضة الملقب بـ”أبو جيهون” يتابع عملية التدريب في داخل المعسكر. وقد تم كل ذلك بناء على طلبنا حتى يكون قادة حزب النهضة على علم تام بما يجري في المعسكر – سياسياً ودينياً. كان تتم عملية الاتصال بقادة حزب النهضة بمنطقة بدخشان من المنطقة الشمالية من أفغانستان باستخدام هاتف لاسلكي. وقد تم تكليف هذه المهمة لشاب أوزبكي “محمد طاهر” – عضو مجلس حزب النهضة.

ترك محمد طاهر فيما بعد حزب النهضة وأسس تحت قيادته حزب أوزبكستان الإسلامي، وقبل إنشاء حزبه، كان يرسل محمد طاهر متدربيه الأوزبك إلى معسكرنا للتدريب العسكري. وكان حزب النهضة يركز بشدة على أحد أساليبنا القتالية وهي “حرب المدينة”. طبعا نحن لم نتحرك خطوة واحدة في قضية طاجيكستان إلا باتفاق مسبق مع حزب النهضة، وحزب النهضة هو عضو في المنظومة الدولية لجماعة الاخوان المسلمين. وقد تعهد أحد متخصصي التدريب الشاب الإيراني “صلاح الدين” بتدريب هذا الجزء – أي “حرب المدينة”، وهو كان الشخص الوحيد الذي كنا نسمح له بفعل أي شيء، وقمنا بدورنا بتوفير كل ما يلزمه لإنجاح التدريب. “انتهى” وهكذا، دخل متدربي “أبو الوليد المصري” من أعضاء حزب النهضة الإرهابي المتطرف الى داخل جمهورية طاجيكستان، بعد تلقي تمرينات قتالية-إرهابية، وقاموا بإشعال فتيل الحرب الأهلية التي دامت خمس سنوات من 1992 الى 1997، وارتكبوا أبشع أعمال القتل والابادة التي لا يمكن للتاريخ بأن تمحو مثل تلك الأعمال الاجرامية من صفحاته.

وعلى سبيل المثال، قام حزب النهضة الإرهابي بشن هجمات مسلحة على المساجد وأرهب الأئمة والمصلين من أجل الاستيلاء على منابرها، وأنشأ سجون للتعذيب وقاموا بقطع الأعضاء البشرية وحبس مخالفيهم داخل “السجون البرميلية” لترهيب مخالفيهم وغيرها من أساليب “القاعدوية” الإرهابية… كما استخدموا تعاليم الدين الإسلامي وأصدروا فتاوى شاذة مخالفة لتعاليم الدين الحنيف لتحرضوا الابن على الأب، والابنة على الأم، والأخ على الأخ، مما أعاق التنمية المستدامة لدولة طاجيكستان وأدى إلى إراقة دماء المواطنين الأبرياء.

شارك المقال وأخبر به أصدقائك الآن

الوسوم

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.

اقرأ أيضاً

القائمة